أبوعلي القصاص
عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 22/03/2010
| موضوع: خصائص العقيدة الإسلامية: الخميس مارس 25, 2010 6:16 am | |
| خصائص العقيدة
خصائص العقيدة الإسلامية:
أولا: الوضوح:
فالعقيدة الإسلامية عقيدة واضحة لا غموض فيها ولا تعقيد ، فهي تتلخص في أن لهذه المخلوقات إلهاً واحداً مستحقا للعبادة هو الله تعالى الذي خلق الكون البديع المنسق وقدر كل شيء فيه تقديراً ، وأن هذا الإله ليس له شريك ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ، فهذا الوضوح يناسب العقل السليم لأن العقل دائما يطلب الترابط والوحدة عند التنوع والكثرة ، ويريد أن يرجع الأشياء المختلفة إلى سبب واحد.
وكما أن العقيدة الإسلامية واضحة فهي كذلك لا تدعو إلى الاتباع الأعمى بل على العكس فإنها تدعو إلى التبصر والتعقل قال تعالى (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) ولأن العقيدة مما تحار العقول المجردة فيها ولا تصل إلى إدراكها إلا من طريق الشارع الحكيم، فقد رجع كثير من الفلاسفة وأهل الكلام من المسلمين ، عن مناهجهم العقلية المجردة إلى منهج الكتاب والسنة ومن هؤلاء الفخر الرازي- وهو من كبار الفلاسفة المسلمين إذ يقول بعد عمر طويل في البحث العقلي:
نهـاية إقـدام العقـول عقــال وأكثر سعـي العاملـين ضـلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصـل دنينـا آذى ووبــال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقــال
ثم قال (ولقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفى عليلا ولا تروى غليلا ورأيت أن أقرب الطرق طريقة القرآن ، اقرأ في الإثبات (الرحمن على العرش استوى) (إليه يصعد الكلم الطيب) وأقرا في النفي (ليس كمثله شيء) ، (ولا يحيطون به علما) ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.
ثانيا: فطرية العقيدة الإسلامية:
إن العقيدة الإسلامية ليست غريبة عن الفطرة السليمة ولا مناقضة لها ، بل هي على وفاق تام وانسجام كامل معها.
وليس هذا بالأمر الغريب إذ إن خالق الإنسان العليم بحاله هو الذي شرع له من الدين ما يناسب فطرته التي خلقه عليها، كما قال تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليه لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) وقوله (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) والواقع شاهد على موافقة الفطرة للعقيدة الإسلامية القائمة على الإخلاص لله وحده ، فما أن يصاب الإنسان بضر تعجز أمامه القوى المادية إلا ويلجأ إلى الله تعالى في تذلل وخضوع ، ويستوي في ذلك الكافر والمؤمن ، بل حتى الطفل الصغير فإنه لو ترك على حاله دون أن يؤثر عليه والداه أو البيئة من حوله لنشأ معتقدا بالله تعالى ربا وإلها لا يعبد سواه لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه).
ثالثا: عقيدة توقيفية مبرهنة:
تتميز العقيدة الإسلامية بأنها توقيفية فلا تجاوز فيها للنصوص المثبتة لها كما إنها عقيدة مبرهنة تقوم على الحجة والدليل ، ولا تكتفي في تقرير قضاياها بالخبر المؤكد والإلزام الصارم، بل تحترم العقول والمبادئ التي يقوم عليها الدين كله ذلك أنها لا تثبت في جميع جزئياتها وكلياتها إلا بدليل من الكتاب أو السنة ، بل إن أتباعها منهيون عن الخوض في مسائلها إلا عن علم وبرهان قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) وقال: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون).
كما أن القرآن الكريم حين يدعو الناس إلى الإيمان بمفردات العقيدة يقيم على ذلك الأدلة الواضحة من آيات الأنفس والآفاق ، فلا يدعوهم إلى التقليد الأعمى أو الاتباع على غير هدى، بل إنه يأمرهم أن يطلبوا البرهان والدليل قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) ويترتب على البرهنة والتوفيقية ما يلي:
1- تحديد مصادر العقيدة بالكتاب والسنة.
2- الالتزام بألفاظ الكتاب والسنة المعّبر بها عن الحقائق العقدية.
3- استعمال تلك الألفاظ فيما سيقت لأجله.
4- عدم تحميل تلك الألفاظ ما لا تحتمل من المعاني.
5- السكوت عن ما سكت عنه الكتاب والسنة وذلك بتفويض علمه إلى الله تعالى.
6- أن نقدم دلالة الكتاب والسنة على ما سواهما من عقل أو حس أو ذوق أو غير ذلك من وسائل المعرفة.
ومن أمثلة الدلائل التي ساقها الله عز وجل في القرآن الكريم القائمة على البراهين ما يلي:
1- الدليل العقلي قال تعالى: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)
2- الدليل من الأنفس قال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
3- الدليل من الآفاق قال تعالى: (مرج البحريـن يلتقيان ، بينهما برزخ لا يبغيان)
رابعا:عقيدة ثابتة ودائمة:
لما كانت العقيدة الإسلامية تقوم على الدليل والبرهان لزم أن تكون عقيدة ثابتة ودائمة قال الله تعالى: (لا تبديل لكلمات الله) وسبب هذا هو ثبوت مصادرها ودوامها لأن الله تعالى تكفل بحفظها (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فهي عقيدة ثابتة ومحدده لا تقبل الزيادة ولا النقصان ، ولا التحريف ولا التبديل.
فليس لحاكم أو مجمع من المجامع العلمية أو مؤتمر من المؤتمرات الدينية ليس لأولئك جميعا و لا لغيرهم أن يضيفوا إليها شيئا أو يحذفوا منها شيئا وكل إضافة أو تحوير مردود على صاحبه بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود عليه وقد هدد القرآن الكريم العلماء خاصة من أن تميل بهم الأهواء والأطماع أو الإغراءت المادية فيزيدوا أو ينقصوا شيئا من الدين قال الله تعالى (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) وعلى هذا فكل البدع والأساطير والخرافات التي دست في بعض كتب المسلمين أو أ شيعت بين عامتهم باطلة مردودة لا يقرها القرآن ولا تؤخذ حجة عليه ، وإنما الحجة فيما ثبت من نصوصه فقط. كما قال الله تعالى: (رسلاً مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)
خامسا: إنها عقيدة وسط لا إفراط فيها ولا تفريط:
إن العقيدة الإسلامية وسط بين الذين ينكرون كل ما وراء الطبيعة مما لم تصل إليه حواسهم وبين الذين يثبتون للعالم أكثر من إله والذين يحلون روح الإله في الملوك والحكام ،بل وفي بعض الحيوانات والنباتات والجمادات؟ فقد رفضت العقيدة الإسلامية الإنكار الملحد كما رفضت التعدد الجاهل و الإشراك الغافل وأثبتت للعالم إلها واحدًا لا شريك له ، كما إنها وسط في الصفات الواجبة لله تعالى فلم تسلك سبيل الغلو في التجريد فتجعل صفات الإله صورا ذهنية مجردة عن معنى قائم بذات لا توحي بخوف ولا رجاء ،كما فعلت الفلسفة اليونانية ،ولم تسلك كذلك سبيل التشبيه و التمثيل والتجسيم كما فعلت بعض العقائد حيث جعلت الإله كأنه أحد المخلوقين يلحقه ما يلحقهم من نقص وعيوب فالعقيدة الإسلامية تنزه الله تعالى إجمالا عن مشابهة المخلوقين بقواعد مثل قوله تعالى(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وقوله (ولم يكن له كفوا أحد) (هل تعلم له سمياً) ومع هذا تصفه بصفات إيجابية فعاله تبعث الخوف والرجاء في نفوس العباد كما في قوله تعالى: (الله لا اله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات و ما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيدهم وما خلفهم ولا يحيطون بشي ء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم).
ثم إنها وسط بين التسليم الساذج والتقليد الأعمى في العقائد وبين الغلو والتوغل بالعقل لإدراك كل شيء حتى الألوهية فهي تنهى عن التقليد الأعمى ، حيث عاب الله على القائلين (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) وتنهى عن التوغل بالعقل لإدراك كيفية صفات الرب عز وجل فقال تعالى (ولا يحيطون به علما) وقال: (ولا تقف ما ليس لك به علم) وتدعوهم إلى التوسط والأخذ بالمدركات كوسائط قال تعالى (وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون) - منقول
[right][justify] | |
|