الهيموجلوبين في الدم: فوائد وجوده ومضار نقصه

يشكل عنصر الحديد جانبا هاما في تكوين ما يعرف بالهيموجلوبين وهو جزيء من
جزيئات الدم تحمل الأكسجين لجميع خلايا الجسم ابتداء من خلايا المخ وحتى
أصغر الخلايا الجسدية في كل مكان في جسم الإنسان، ومن المعروف أن الأكسجين
هو عنصر هام وهو أساس عملية التنفس وإنتاج الطاقة لكل خلايا الجسم،
وبالتالي كفاءة العمليات الحيوية وأي نقص في كمية وإمداد الأكسجين إلى أي
خلية يؤثر بالسلب على وظيفتها الحيوية ويجعلها غير قادرة على القيام
بمهامها ويظهر ذلك في حدوث خلل في أي من هذه الوظائف، وعلى سبيل المثال عدم
وجود الأكسجين إلى المخ يؤدي إلى الدوران والغثيان وفقدان الوعي في بعض
الأحيان مثل ذلك الذي يحدث لبعض الأطفال حديثي الولادة، حيث يؤدي نقص
الأكسجين لديهم والناتج عن تعرضهم لاختناق أو سوء تهوية إلى شعورهم بالدوار
والغثيان. وقد لا يستطيع الطفل التعبير عن ذلك إلا بمجرد البكاء الصارخ ثم
الغثيان وفقدان جزء من الوعي. ومن هنا ننبه أن في مثل هذه الأجواء الباردة
تنتشر في منازلنا وسائل التدفئة الصناعية مثل المكيفات الحارة والدفايات
الكهربائية والتي تعمل بالزيت وبعض الناس يقوم بإشعال الوقود والفحم للحصول
على التدفئة ، ومثل هذه الوسائل تعمل على تجفيف الهواء واستهلاك الأكسجين
الموجود بالغرفة مما يجعل حتى الكبار يشعرون بنوع من كتم النفس أو صعوبة
التنفس أو حتى الاختناق فما بالنا بالأطفال حديثي الولادة وصغار السن .
وهذا يدفعنا للعودة إلى الحديث عن دور مخزون الحديد في الجسم وعلاقته
بتنظيم درجة حرارة الجسم وملاءمتها للأجواء الباردة أو حتى الحارة . وقد
يستطيع الشخص العادي معرفة إذا كان يعاني من نقص في الحديد والهيموجلوبين
عن طريق بعض الأعراض والظواهر مثل شحوب الوجه والأطراف ، شحوب الملتحمة ،
سرعة ضربات القلب مع أقل مجهود مثل المشي لمدة - 15 10دقيقة أو صعوبة بعض
درجات من الدرج ، وأحيانا مع تناول وجبات دسمة ، وقد يصل الأمر إلى صعوبة
في التنفس عند بعض الأشخاص الذين يعانون من نقص حاد في الحديد ، ويستطيع أي
شخص أن يجري يعرف باسم صورة الدم وهو يعطي فكرة عن قيمة الهيموجلوبين في
الدم وعدد كريات الدم الحمراء وحجمها ونسب تواجد الهيموجلوبين بداخلها
وأيضاُ يعطي فكرة واضحة عن عدد خلايا الدم البيضاء والخلايا المناعية،
وكذلك عدد صفائح الدم . وأيضاً هناك تحليل آخر يعرف باسم تحليل مخزون
الحديد في الجسم عن طريق أخذ عينات من بلازما الدم ومن خلاله نستطيع التعرف
عن المخزون الاستراتيجي أو الاحتياطي للحديد في الجسم .

ومن المهم معرفة أن هناك أنواعا عديدة من الأنيميا تتعدد بتعدد الأسباب
فهناك النوع الغذائي الناتج عن نقص في العناصر الغذائية الغنية بالحديد
كاللحوم والبيض واللبن وبعض الخضراوات مثل البروكولي - السبانخ - القرنبيط
وبعض أنواع العسل الأبيض والأسود وهناك الأنيميا (نقص مستوى الحديد في الدم
) الناتجة عن عدم توافر المواد الخام اللازمة لبناء جزيء الهيموجلوبين
نفسه وهذه المواد الخام تتمثل في الزنك - النحاس - فيتامين ب 12، وقد يفضل
كثير من الأطباء المعالجين عن هذه النوعية من الأنيميا، حيث أنهم بمجرد
اكتشاف وجود الأنيميا عن طريق تحليل صورة الدم والحديد يبدؤون في إعطاء
المريض جرعات عالية من العلاج قد يرفع مستوى الحديد لفترة مؤقتة ولكنه لا
يعالج السبب نفسه فبمرور الوقت يعود مستوى الهيموجلوبين للانخفاض مرة أخرى
مع ما يصاحبه من أعراض مرضية للشخص نفسه مثل الشعور بالدوخة والغثيان
وزيادة سرعة ضربات القلب. وقد يتطرق الأمر إلى حدوث نوع من نوبات الأرق
والاكتئاب والقلق . ولعلاج مثل هذه الحالات ينبغي البدء في عملية بناء جزيء
الهيموجلوبين بناء صحيحا عن طريق إعطاء المريض جرعات مناسبة ومتوازنة من
الزنك - النحاس - فيتامين ب 12ولمدة تتراوح بين شهر إلى ثلاثة أشهر، فهذه
الفترة هي الكافية لبناء خلية من خلال كريات الدم الحمراء ،وأيضاً الإمداد
الغذائي بعناصر غنية بهذه الفيتامينات والمعادن والموجودة بكثرة في
الخضراوات والفواكه الطازجة .وتستخدم حقن الحديد المباشرة في حالات النقص
الشديد في مستوى الهيموجلوبين، حيث من المعروف أن مستواه الطبيعي يتراوح
بين 13- 18مجم - لتر دم للرجال وبين - 16 12مجم - لتر دم للسيدات . وينبغي
البدء فورا في علاج الإبر عندما يصل مستوى الهيموجلوبين لأقل من 8مجم - لتر
دم، حيث إن ذلك المستوى يشكل خطوة واضحة وبالغة على القلب والمخ .

وأخيرا تجدر الإشارة الى أن ممارسة الرياضة في الهواء الطلق دائما أو حتى
ممارسة المشي العادي يؤدي إلى تسارع عمليات بناء وتجديد خلايا الدم بصفة
دائمة ويومية، وهذا في حد ذاته يؤمن تنظيما كاملا وآمنا لكل وظائف الجسم
الحيوية على مدار ال 24ساعة .